11‏/2‏/2018

من تجربة أكاديمية مبتعثة ٦ ( مهارات الكتابة الأكاديمية القسم الثالث)

 السلام عليكم 

مهارات الكتابة الأكاديمية القسم الثالث




كما وعدتكم في المقالة السابقة أن أكمل الحديث عن بقية المهارات المطلوبة في الكتابة الأكاديمية التي تعلمتها في جامعة ليدز البريطانية. فرحلة الكتابة لم تكن سهلة بالنسبة لي، كنت في بعض الأحيان كمن يحفر في الصخر حتى أنجز مهمة كتابة مقالٍ ما خصوصاً إذا كان المطلوب مني البحث أوالكتابة حول موضوع لم أجد بيني وبينه مودة.

لازلت أذكر أستاذة اللغة في المعهد الأكاديمي Kerri Freeman في بداية عام ٢٠١٦ حينما أنهت محاضرتها بتجربتها في الكتابة الأكاديمية قائلة :" غرفتي امتلأت بالأوراق العلمية والمجلات أثناء كتابتي لرسالة الماجستير ولا زلت أحتفظ بها في كراتين كثيرة جداً في إحدى غرف المنزل وقد طلبتُ من أمي ألا تتلفها، لأنني فخورة بإنجازي وأحب أن أشاهد نتيجة هذا الجهد والتعب أمام عيني وخصوصاً بأنني قد حصلت على تقدير Distinction  "وهي تعتبر أعلى سلم الدرجات في التقييم البريطاني وتعني الحصول على درجة ما بين ٧٠ ـ٨٠ من ٩٠".

أقلقتني تجربتها حقيقةً؛ حيث أنني ذلك الوقت لم أبدأ بعد بالماجستير ولكنني لم أتخيل أن يمتلئ بيتي بالأوراق حتى أحصل على هذه الدرجة، لأن منظر الأوراق يصيبني بالإحباط حقيقة، هذا بالإضافة إلى الاستهلاك الشديد للأوراق و بعضها بالفعل لا يستدعي ذلك، فقد تأخذ معلومة سريعة وليست مقتبسة بالحرف منها، فلمَ الطباعة إذاً 😌 لانريد مزيداً من قطع🌲.

ماذكرته Kerri   لا ينطبق على كل من سيكتب رسالة، ففي كتابتي مثلاً للرسالة احتجت فقط لطباعة بعض الأوراق، و حرصت على وضعها في (ملف ورود/ Word File) خصوصاً تلك المهمة منها مع ذكر مصدرها، وقد وضعت كثير منها في سلة تدوير الأوراق عند انتهاء الغرض منها. أما مراجعي من الكتب فقد كانت متاحة في مكتبة الجامعة فبعضهاOnline  وبعضها استعرته، لذلك احتجت إلى - نظارة مخصصة لحماية بصري من أشعة الجهاز- فقد كنت أقضي أمامه فترة طويلة، وفي نهاية رسالتي حصلت على نفس التقدير الذي حصلت عليه Kerri ولله الحمد بدون زحمة أوراق وكراتين😎

 مرحلة الكتابة ليست بالسهلة، حيث تتطلب التركيز دائماًعلى الهدف من فكرة البحث،  وأذكر أني كنت أذكر نفسي بين فترة وأخرى بالهدف حتى لا أخرج عن الموضوع الذي أريد الكتابة عنه، خصوصاً إذا قرأت مقالة جميلة تأخذ من وقتي وأسهب في قرائتها. وأيضاً يتطلب منك الترابط في الأفكار ابتداء من كتابة المقدمة ومروراً بالنص الأساسي الذي يعتبر العمود الفقري في البحث وانتهاءً بالخاتمة التي تلخص فيها أهم النتائج التي وصلت لها. فكثيراً ما أشبه مرحلة الكتابة بقطع التركيب أحياناً تضطر أن تخرج عن الخطة المرسومة بزحزحة بعض الفقرات عن موضعها، كأن تجد بعد انتهائك من كتابة فقرة ما بأنها تحتاج إلى تقديم والأخرى تحتاج إلى تأخير وهكذا، ولكن تذكر بأن لذة الانجاز لا يعدلها لذة.

ماذا يتطلب منك في مرحلة البدء بالكتابة من مهارات: 


بعد أن قمت باختيار المراجع وجمعها واستيعاب النقاط التي تحتاج إلى استطراد في الكتابة، وأصبحت إلى حد ما جاهزاً، لا تنسى أبداً في كل خطوة من خطوات بحثك أول مهارة كتبت عنها سابقاَ وهي التفكير الناقد، اجعله ملازماً لك وأسال نفسك دائماً؛ لماذا كتبت هذا هنا؟ ولماذا قال ذلك الكاتب هذا الرأي؟ ولماذا هذه النتيجة تدعم ذلك الرأي؟ وكيف؟ ولماذا قررت تقسيم بحثي إلى هذه الفصول؟ وماهي مبررات اختياري لتلك النظرية؟ وهكذا.

من المحاضرات الإضافية التي حضرتها في مكتبة الجامعة التي أجد أنها مناسبة جداً ذكرها في هذا المقال، فقد ألقت Jiani liu محاضرة عن الكتابة الأكاديمية وعلاقتها بالنقد. ومما ذكرته   Jianiبأن الكتابة الناقدة تتطلب ما يلي:  


أن تقرأ بتوسع وبكثرة عن موضوعك مع الاستمرار بطرح الأسئلة الناقدة، مع تسجيل ما توصلت إليه من المعاني والأفكار من خلال القراءة في دفتر الملاحظات. 

وسأضع لكم صور من محاضرتها لأنها قيمة ومفيدة في هذا الجانب لمن أراد أن يستفيد منها. 




مثلاً حسب الدائرة الموضحة أعلاة في الصورة السابقة اجعل هذه الحلقة نصب عينيك خلال الكتابة. لأنها ستدلك على كيفية أن تكون ناقداً في بحثك أو كتابتك، سأوضح ذلك:

بداية من Description وهو وصف بحثك أو مقالك، عليك أن تسأل نفسك عدة أسئلة. مثل: ما هو السؤال الذي سأطرحه في البحث؟ ولماذا هذه المشكلة بالتحديد ينبغي أن أبحث عنها؟ هل سأعتمد على نظرية معينة ابني عليها بحثي؟ ولماذا اخترتها؟ ماهي القضية الجدلية التي سأناقشها بشكل عام؟ وهل هي واضحة الشرح؟ وهل الأسباب لك مقنعة في الكتابة والخوض فيها حتى يفهمها المشرف أو غيره؟ وهل أعددت الأدلة على ذلك؟ وإن كان هناك ثمة معايير معينة من قبل الأستاذ أو الجامعة في الأداء يجب الرجوع إليها وقرائتها بتأمل قبل كتابة البحث.


أما بخصوص Analysis وهو تحليل بحثك أو مقالك، كذلك يجب أن تسأل نفسك مايلي: هل استخدمت مصادر ومراجع أكاديمية مناسبة؟ ماذا عن الأدلة التي سأضيفها هل هي متعلقة بالموضوع وموثوقة؟ وهل يوجد أمر أكدته في بحثي أو مقالي لم يُدعم بدليل؟ كيف كانت طريقة اقناعي في إثبات حجتي؟ وإن لم تكن مقنعة لماذا؟ وكيف أستطيع إثباتها أكثر؟ هل هناك منطق في إثبات الحجج وهل هي واضحة ومترابطة؟ كيف لاحظت وأضفت وجهات النظر المختلفة عن وجهة نظري؟ هل لغة  الكتابة توحي بالاندفاع لإثبات وجهة نظري؟ ماهي الأشياء التي قمت بحذفها ولماذا؟ إن احتجت لتبرير ذلك بالتأكيد. 


واخيراً Evaluation أي تقييم عملك، فتقوم بتقييم عملك بنفسك كذلك بعدة أسئلة: هل أجبت على السؤال المطلوب؟ هل وضحت نقاط القوة والضعف في وجهات النظر المختلفة أو النظريات؟ هل ختمت بنهاية منطقية؟ هل وضعت علاقة بين المصادر؟ هل نوعت في المصادر؟ هل وضحت رأيي في الحجج وكما يقال صوتي في البحث هل هو واضح؟




وأيضاً من النقاط التي أجدها مهمة عند كتابة البحث أن تكون في كتابتك Objective and Cautious لأنك ستكتب أمراً جاداً فيجب عليك أن تكون موضوعي وحذر في أفكارك وكلماتك من استخدام العاطفة وأن تكون بعيداً عن التعصب لرأي معين أو في الحكم على رأي بأمر معين، و من المهم جداً أن تربط فكرتك بدليل أو حجة. كذلك تجنب أسلوب الكتابة الواثق فيها من صحة المعلومات " لأنه في النهاية هذا ما وصل إليه اجتهادك  "والعلم عند الله" خصوصاً في مجال " العلوم الإنسانية "، كذلك تجنب الإفراط في التعميم. وكن Precise أي دقيقاً في استخدام الكلمات وأيضاً دقيقاً حتى عند اقتباسك لآراء الآخرين .

أما بخصوص Your Voice in Academic Writing  وهو صوتك (رأيك)  ككاتب أكاديمي الذي توصلت إليه كباحث لابد أن يظهر بجلاء في بحثك، وهي في الأبحاث على قسمين: صوت (رأي) مباشر Direct Voice و صوت (رأي) غير مباشر Indirect Voiceفرأيك (صوتك) المباشر كأن توضح للقارئ سبب اختيارك لموضوع البحث و ماهي أقسام بحثك أو ربطك للجمل بكلمات وصفات تعبيرية وغيرها من بنات أفكارك. أما صوتك (رأيك) الغير مباشر Indirect Voice فهو الاستعانة بآراء الأخرين في بحثك، والتي لاتُعد رأيك المباشر ولكنها من اختيارك وانتقائك، فالاقتباسات طبعاً هدفها هو أنها تدعم رأيك. 
* ملحوظة: في الغالب يؤكد المشرف على عدم الإكثار من صوت الكاتب الغير مباشر لأنها من المفترض أن تقود أنت أراء الآخرين لا أن تقودك أرائهم.  
ومن أجمل التوضيحات في هذه النقطة ماشرحته كذلك أستاذة في المعهد الأكاديمي الكاتبة Jeanne Godfrey في كتابها الذي أنصح باقتنائه اسمه Writiong For University ، ففي هذه الصورة شرحت حجم صوتك المباشر في المقال وصوت غيرك عن طريق الرسومات و كيفية توازنها في البحث أو المقال. 





وأخيراً مما يحضرني من المهارات المفيدة التي تعلمتها كذلك في الكتابة هي‫ أن نحرص على استعمال الكلمات البسيطة والمفهومة واللغة السهلة والجمل المباشرة Straightforward والابتعاد عن الكلمات الغامضة والمعقدة التي قد يندر استخدامها حتى عند أهل اللغة أنفسهم أو قد تتطلب سياقاً معيناً لاستخدامها، لذلك كانوا دائماً يحرصوننا على البساطة في الكتابة لأجل توصيل المعلومة بطريقة واضحة ومباشرة.


بعض المقالات التي وجدتها قد تفيدك عند البدء في كتابة البحث: 


موقع د عبد الرحمن مدونة البحث العلمي التي سبق ووضحت ذلك في مقالاتي السابقة فلن أستطيع حقيقة أن أعبر عن مدى امتناني لهذا الموقع فقد فادني كثيراً،  وضح د. عبدالرحمن في هذا المقال بالتفصيل باللغة العربية عن برنامج الكتابة اسمه  Scrivene  
وكذلك مقالة رائعة له عن برنامج آخر سيساعدك في حفظ المعلومات حتى يسهل الرجوع إليها تجدونها هناأما هذه المقالة البسيطة من موقع الجامعة عن الكتابة الأكاديمية لعلها تفيدكم.


وأخيراً سأكمل في المقالة القادمة ما أعتقد أنني سأختم به مهارات الكتابة الأكاديمية بإذن الله.

والسلام 🌹


س ح ر


ملحوظة:

* شكراً بحجم السماء إلى صديقتي الغربة اللطيفتين  د. زينب المطيري و أ. مريم الجهني على تنبيهاتهما اللغوية وإضافتهما القيمة لهذه المقالة.
لا أسمح ولا أحلل أحد يقوم باقتطاع جزء من النص ونسبته له دون ذكر المصدر. 

This Blog is protected by DMCA.com/ هذه المدونة تحت حماية شركة DMCA لحفظ الحقوق من السرقات الأدبية