31‏/10‏/2017

النزاهة العلمية The Academic Integrity - من تجربة أكاديمية مبتعثة ٢




النزاهة العلمية 
The Academic Integrity


كان يُشبّه
أحد أساتذتي المجتمع الأكاديمي بمجموعة من الأبنية التي تمثلها التخصصات، وكلما دخل فرد جديد إلى هذا المجتمع عليه أن يسهم في إكمال بناء تخصصه، عن طريق وضع " الطوبة المناسبة " التي تتمثل في مشكلة البحث الذي اختاره حتى يساهم في سد الفجوة التي تركها قبله بعض الباحثين.  فيقوم إما بخلق فكرة جديدة وفريدة أو قد يبني فكرته بمساعدة أفكار من سبقوه في مجاله ويكمل الطريق. ولكن من المهم لمن دخل هذا المجال أن يتحلى بالنزاهة العلمية.

إذاً ماهي النزاهة العلمية؟


في برنامج اللغة الأكاديمي قاموا بتوزيع دراسة أمريكية عن تحليل أسباب ما يسمى بالسرقة الأدبية Plagiarism عند الطلبة القادمين من دول مختلفة عن دولة الدراسة،  للكاتب Amsbberry في عام ٢٠٠٩. 
كان الهدف من توزيعها علينا هو التدرب الأكاديمي على كيفية كتابة الأبحاث، ولكن في نفس الوقت كانت  تحمل بين طياتها توعية للطلاب. حيث وصفت الدراسة الطلبة القادمين من خارج بلادها بصطلح الطلاب الدوليين International students، وبعيداً عن الغوص في أبعاد هذا المسمى الذي قد تم إعطاؤنا محاضرة خاصة لإعادة النظرفي هذا المسمى وسأتحدث عنه لاحقاً في موضوع آخر. سأعود إلى الدراسة التي وضحت بأننا كطلاب دوليين لدينا خلفية تعليم مختلفة عن تلك التي يحملها طلاب الجامعات الأمريكية،  لذلك على هذه الجامعات أن تبذل المزيد من الجهود لتوعية الطلبة الدوليين حول النزاهة العلمية، وكذلك تنبيههم إلى أهمية عزوالنصوص إلى أصحابها. كما بيّنت الدراسة أنه قد يرتكب هؤلاء الطلبة السرقة الأدبية في أبحاثهم من غيرعمد. فأمناء المكتبة لهم دورمهم في توجيه وتوعية الطلبة حول كيفية الإبتعاد عن السرقة الأدبية،  حيث وضحت بأن هناك العديد من الدراسات التي ركزت على الصعوبات والتحديات التي يواجهها الطلاب الدوليين وفي المقابل هناك القليل من الدراسات التي سعت لتقصي أسباب وقوع بعض هؤلاء الطلبة في السرقة حتى يتسنى لهم ايجاد الحلول لها.



 ماهو الفرق بين السرقة الأدبية والنزاهة العلمية ؟ 






حسب ماورد في موقع الجامعة  الأمريكة Penn State فإن السرقة الأدبية Plagiarism تتمثل في أخذ عمل غيرك وتتعامل معه كأنه لك. وقد أشار المصدر السابق إلى عدة أمثلة لهذا النوع من السرقة: كتسليم تكاليفك لم تكتبها بنفسك، أو نسخ إجابة أو نص من زميل آخر وتقديمه كأنه عملك، أو اقتباس أوحتى إعادة صياغة لنص ما دون ذكر مصدره وغيرها من الأمثلة.

أما النزاهة الاكاديمة The Academic Integrity  فتعتبرمن المبادئ الأسياسة التي تقوم عليها سياسة الجامعة التي بعتقادي   سلوك حضاري لابد من توفره في المجتمع الأكاديمي ابتداءً من الأساتذة في حفظ كرامة الطالب وحقوقهم وانتهاءً بالطلبة بأن يتصرفوا بنزاهة شخصية مع أبحاثهم حتى يخلقون بيئة علمية جيدة تساعد على النجاح.  فإذا خالف ذلك مثلاً جزء منها كسلوك السرقة الأدبية سيكون هناك انتهاك للنزاهة الأكاديمة حيث ستتخذ فيه الإجراءات القانونية 
اللازمة.

هذا و قد أشارالمقال السابق  إلى ملحوظة جيدة تتمثل في وجوب  التنبه إلى الفيديوهات والصور المنتشرة في الإعلام الرقمي و مراعاة حقوق النشر لهما حيث أن لها حقوق معينة أحياناً لاتقتصرعلى ذكرالمصدر فقط  لذلك جرى التنبيه ولمن يريد الرجوع للرابط سيجده هنا. وكذلك وجدت في جامعة ليدز تفصيل مشابه لهذا مع ذكر أمثلة لمن أراد الإستزادة سيجدها  هنا وبالمناسبة سأتحدث  بالتفصيل عن كيفية اختيار الصور المنتشره في قوقل ووضعها في مقالك أوحتى عند تقديم عرضك الأكاديمي Presentation أوغيرها دون اعتبارها ضمن سرقة الحقوق ولكن سيكون ذلك في موضوع آخر مستقل بإذن الله.  

نعود إلى دراستنا السابقة المتعلقة بالعلاقة بين الطلبة الدوليين والسرقة الأكاديمية حيث وضّحت في مقدمتها بأنه هناك بعض الدراسات عزت  الانتحال الذي يقوم به بعض الطلبة الدوليين إلى إختلاف التدريب الأكاديمي في تعليمهم والذي يتعامل تجاه النصوص وملكية أصحابها على نقيض التدريب الذي يقام في الجامعات الأمريكية.  بينما عزت دراسات أخرى  السبب إلى حاجز اللغة والتحديات التي تواجه بعض الطلبة حيث يقومون بنقل بعض النصوص والجمل بسبب عدم قدرتهم على الصياغة الجيدة كأهل اللغة أنفسهم مما قد يؤدي بهم إلى انتحال النصوص. وكما أضافت دراسات أخرى أن السبب  يعود  إلى المتغيرات والتأثيرات التاريخية والسياسية والإجتماعية والتكنولوجية  في بلدان هؤلاء الطلبة.  أما بحثنا السابق فقد أكد بأنه ليس من السهل ارجاع  ارتكاب بعض هؤلاء الطلبة بالسرقة الأدبية إلى المرجعية الثقافية فقط و يجب توعيتهم  بذلك الأمر حتى يستطيعون تجنبه.

من الأمثلة التي أثارت استغرابي حقيقة هي أن هناك بعض الدراسات التي تشيرإلى أن ثقافة  بعض الشعوب ترى أن ملكية النص هي مُلك للجميع وأن هذه المعلومات مشتركة وللمجتمع الحق في مشاركتها.  كذلك وضحت مثالاً حول تأثير التعليم عند بعض هؤلاء الطلبة في بلادهم حيث يبنى على نسخ المعلومات.  كما ذكرت بعض الدراسات أن بعض الطلاب الصينيين يعتبرون حفظ النصوص جزءا هاماً في عملية التعليم لديهم. حيث بينت الدراسة بأن من التقاليد التعليمية عند الصينيين هي تكرار النصوص من الذاكرة و أن عليهم اكتساب القدرة على إعادة كاملة لهذه النصوص من الذاكرة وترديد كلمات تنسب إلى شخص آخر وليست لهم، بدلاً من أن يكون الطالب لديه فهم عميق إلى معنى النص. وذكرت في المقابل، بأن التقاليد الأكاديمية الغربية تكافئ الإبداع و الأصالة وأن يكون هذا العمل لنفس الشخص وليس إلى غيره. وأن النظام الغربي لا مشكلة لديه  في الإستشهاد من النصوص الأخرى ولكن مع حفظ حقوق أصحابها. 

ـ فلنفكر ـ لماذا تلجأ بعض مناهجنا التعليمية على مهارة الحفظ والترديد أكثر من مهارة التحليل والنقد ؟ ولماذا يطلب منا أحياناً كتابة الإجابة بنفس النص الموجود في الكتاب؟ 

أما خاتمة الدراسة تؤكد بأنه ليس هناك دليل يثبت بأن الطلبة الدوليين هم  أكثر سرقةً من الأمريكان أنفسهم ، بل إنه يؤكد فقط لفت نظر أمناء المكتبات وأساتذة الجامعة  على أن هناك قضية معقدة أبعد من أن يثبت على الطالب الدولي سرقة أدبية، فهناك مرجعية ثقافية علمية اجتماعية لها تأثيرٌ كبير ويجب رفع الوعي في هذا الجانب عن طريق عقد
 ورش العمل والتوعية  بكيفية استخدام المراجع الألكترونية وغيرها. ولمن أراد الرجوع إلى الدراسة فعليه الدخول هنا

التدريب العملي لهذه المهارة في الجامعة 

في بداية الماستر كعادة أكثرالجامعات في العالم تهلل وترحب بطلابها الجدد إلا أن هناك ايميلاً من بينها رحب بنا ترحيباً خاصاً  وأخبرنا بأنه يجب علينا أن نقوم باختبار الكتروني اجباري اسمه Acadmic Integrity Tutorial اختبار النزاهة العلمية الأكاديمية، وهذا الاختبار لم يكن لنا نحن فقط طلبة الخارج بل كان شاملاً للطلبة البريطانيين.  حيث أكدوا بأن هذا الإختبار سيمكننا من التعرف على كيفية تقديم أفكارنا للآخرين بكل دقة وأمانة، وكذلك سيبين لنا الطريقة الأكاديمية التي ستجنبنا السرقة الأدبية في أبحاثنا.  ميزة هذا الاختبار أنه ليس محصور بوقت معين لإنجازه، حيث يتخلله عرض تعليمي مدته ساعه ثم يبدأ بعده الاختبار. في الحقيقة وجدته جيد إلى حد ما حيث يعتبر في نظري ابراءً ذمة من قبل الجامعة لتوعية الطالب حتى إذا حصل أي إخلال في النزاهة لاقدر الله ستكون بذلك قد أدت ما عليها، وإلا فالاختبار كان في نظري عادياً حيث اعتمد على الاختيارات فقط.  
  


التقييم على أحد تكاليفي

هذه المهارة تحديداً تحتاج إلى نزاهة بالفعل أخلاقية نابعة من الداخل،  ولكن هذا ليس كافياً خصوصاً مع تنوع الطلاب وخلفياتهم لذلك اعتمدت الجامعة برنامجاً قذف في قلوب بعض الطلاب الرعب وهو Turnitin UK، فأكثر التكاليف إن لم يكن كلها تسلم من خلاله، و هنا رابط البرنامج لمن أراد الإطلاع .

 سأريكم  بعض التفاصيل على أحد تكاليفي قدمتها في آخر فصل من برنامج اللغة الأكاديمي حيث أخبرونا بأنه سيكون هناك تدريب لنا على آلية عمل هذا البرنامج من أجل زيادة معدل الوعي لدينا. فمثلاً هنا توضح الصورة رقم ١  أنه سيكون  تسليم جزء من البحث  عبر هذا الرابط. 


-١-



أما في الصورة رقم ٢ يتضح شكل البرنامج بعد التسليم كما تظهر فيه معلومات كيفية ادخال البيانات والتاريخ وغيرها . 


-٢-




أما في صورة رقم ٣  " المصيبة "  يتضح لنا كما هو مبين نسبة  النص الذي كتبته مع Database  قاعدة البيانات الموجودة في الجامعة، طبعاً هذه النسبة ترجع للأستاذ نفسه فهو من يقرر إذ كانت هذه النسبة  كثيرة أو قليلة، لأن حسب علمي ليس هناك رقم معين محدد لديهم . ولكن طمأنني أستاذي بأنها نسبة بسيطة ولا تذكر.

 -٣-

في صورة رقم ٤ كما هو واضح التفصيل  أين وكم نسبة تطابق بحثي مع الأبحاث الأخرى والكتب الإلكترونية أو حتى عمل طلبة وبعضها أبحاث لم تنشر بعد :/ كما ذكرت هو برنامج لذلك الأستاذ سيتفهم بالتأكيد. 

-٤-




أما هنا في صورة رقم  ٥ فلقد وجدتها مضحكة في الحقيقة لأنه وضع التطابق على كلمات شائعة تستخدم في  كافة الأبحاث،  وكذلك على اسم التخصص وكأنه لم يكتب إلا في هذا المرجع ، وكأن البرنامج يقول بأن الترتيب يتشابه مع بحث آخر كما وضح ذلك  لكن أخبرني الأستاذ بأن لا أعيره اهتماما لأن هذه الكلمات توضيحية لاتحمل فكراً معيناً. 

-٥-




اما في صورة رقم ٦ واضحة جداً بأنه اقتباس بالحرف وهنا قد وضعته بين علامتي تنصيص " " ، وكما هو معروف لابد من ذكر الصفحة إذا وضعت بينها وقد فعلت ذلك وهذا ما يخلي سبيلي بالتأكيد ،لكن سأقع في خطر إن غيرت حرف مكان حرف  أو لم أضع رقم الصفحة. 

-٦-






وأخيراً هنا توضيح بأنه تطابق مع عمل طالب أخر ولكن غير مسموح أن يعرضونه لي!!،  "طيب ماذا أستفيد إن كان أخذ نفس الإقتباس"  فهذا من عيوب البرنامج خصوصاً إني كما ذكرت سابقاً وضعت " " والمعلومات كاملة. 

-٧ـ




كذلك من عيوب البرنامج أنه إذا سلمت مثلاً  عمل سابق لك  عبر هذا البرنامج  وأردت استخدام نفس فكرتك فيجب عليك اعادة كتابتها بصيغة ثانية وإلا اعتبرت سرقة أدبية :) حتى لو كنت أنت من كتبها، ولاتستطيع عمل مرجع لها باسمك لأنها لم تنشر بعد !!.  بالمناسبة عند عملية البحث في العالم العربي وجدت شبيه لهذا البرنامج اسمه قارنت حيث يعتبر أول خدمة عربية  ألكترونية للتحقق من الإنتحال والسرقات العلمية وهو متخصص باللغة العربية ولكن أضافوا كذلك اللغة الإنجلزية .  ولكن استغرب لماذا لم تشتريه الجامعات العربية وتقوم بتفعيله لديها ؟!  وهنا رابط البرنامج لمن يهمه الأمر QARNET


بعض المراجع والمصادر

في الحقيقة لم نعطى مصادر معينة بخصوص هذه المهارة غير التجربة العملية التي ذكرتها والاختبار السابق والتوعية،  وسأفصل عند مهارات كتابة البحث العلمي كذلك بعض الأدوات التي ستساعدك بإذن الله على تجنب السرقة الأدبية خصوصاً مع استخدام الكتب والأبحاث الألكترونة . ولكن وجدت هذه المراجع وقد اطلعت فقط على مقدمتها :

اللغة الإنجيلزية 

 كتاب Handbook of Academic Integrity متوفر هنا، وكذلك كتاب Academic integrity in the twenty-first century متوفر هنا

وهنا  مقطع توضيحي بسيط  للابتعاد عن السرقة الادبية. 



اللغة العربية 


المقطع الذي وجدته عن الملكية الفكرية وتأخر جهود العالم العربي في حمايتها للأستاذ عبد السعيد الشرقاوي الخبير المعتمد في حقوق الملكية الأدبية والفنية، وله عدة مؤلفات في ذلك موجود في مكتبة الملك فهد الوطنية  باسم  حقوق الملكية الفكرية : أس الحضارة و العمران و تكريم للحق و الخلق .






للأسف لم أجد كتب مباشرة عن السرقة الأدبية غير المقالات المنتشره هنا وهناك، لا أعتقد أنه لايوجد مرجع مباشر و لكن هذا ما أسعفني الوقت به ، لذلك سأكون ممتنة لمن يعرف مصادر أن يخبرني حتى أضيفها هنا. 

وأخيراً اختم بهذه المقوله لِـ الشاعر السوري ادونيس في كتابه الثابت والمتحول. 




والسلام 🌹

س ح ر 






15‏/10‏/2017

التفكيرالنقدي - من تجربة أكاديمية مبتعثة ١


بسم الله الرحمن الرحيم 



بعد انقطاع عدت لكم بهذه السلسلة التي سأذكرفيها بعض المهارات الأكاديمية التي استفدت منها في جامعة ليدز، وإنني قد وجدتها من المهارات التي من المفيد جداً أن أمارسها في حياتي بشكل عام وليس في المجال الأكاديمي فحسب لذلك أحببت أن أشارككم إياها. وهذة السلسلة  ليست عبارة عن مقالات علمية عميقة بقدر ما هي مجرد لفتة لتجربة كما ذكرت من وجهة نظري الخاصة ( التي تحتمل الخطأ و الصواب) فهي قد تهم من يعمل أو يدرس في المجال الأكاديمي وكذلك غيره من القطاعات. 

سأقسم المقالة إلى عدة أقسام : ماهية المهارة ومامدى أهميتها، تقييم الأستاذة وتعليقاتهم على تكاليفي إن وجدت، ثم كيف ساهمت في تطويرها وأخيراً بعض المصادر والمراجع التي أجدها مناسبة جداً للإستزادة في إتقان هذه المهارة باللغتين الإنجليزية والعربية ، وقد وضعت كل الروابط المهمة باللون الأحمر حتى يسهل الرجوع إليها. 


 أول مهارة وجدتها كانت:  التفكيرالنقدي






 كانت ومازالت من أصعب المهارات التي أبذل فيها مجهوداً كبيراً في تطويرها، و وجدت بأنني أحتاج إلى مزيد من الوقت حتى أسعى إلى تقويتها أكثر خصوصاً أن خلفيتي التعليمية كانت تعتمد على الحفظ ونقل المعلومة دون نقدها على مدى سنين طويلة.  

 فقسم الدراسات الإنسانية وما يندرج تحتها من العلوم ليست عبارة عن معادلة ١+٢=٣. بل لابد فيها من دخول عاطفة الكاتب حتى وإن اجتهد إلى أن يكون محايداً، فمن الأمور" المفروغ منها " أن يكون الباحث موضوعياً وحيادياً لايميل إلى رأي دون آخر. فقد  ذكر بن صغير أستاذ مساعد في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجزائر بأن من أبرز الصعوبات التي تواجه المتخصصين في العلوم الإنسانية هي التحيزات والميولات الشخصية حيث وضّح السبب في ذلك وهو " [...] أنها تهتم بالإنسان كعضو متفاعل في جماعة، وبما أن الإنسان مخلوق غرضي يعمل على الوصول إلى أهداف معينة، ويملك المقدرة على الاختيار، مما يساعده على أن يعدل من سلوكه، فإن مادة العلوم الاجتماعية والإنسانية تتأثر كثيرا بإرادة الإنسان وقراراته" وهنا رابط المقال لمن أراد الإستزادة. وهو كذلك مايؤكده بكار في كتابة تكوين المفكر (٢٠١٠، ص. ١٠٦) بقوله " وأنا دائماً أقول : إن تجرد الناس من أهوائهم وغض طرفهم عن مصالحهم ليس بالأمر اليسير..." لذلك كن يقيظاً عند القراءة أو سماع المعلومات. 

 إذاً ما هو التفكير النقدي

في الحقيقة هناك عدة تعريفات للتفكير النقدي من قبل المتخصصين فمن أراد الإستزادة أنصحه بزيارة قسم المراجع والمصادر التي تمت اضافتها في أسفل المقال.

ولكن بشكل عام جداً أقول بأن ماتعلمته من خلال الدراسة بأن التفكير النقدي هو التعود على تحليل ونقد المعلومات (سواء كانت هذه المعلومة في كتاب، مقالة، موقع الكتروني، أوفي أحد وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة  ... وغيرها). عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة، مثلاً أن تسأل نفسك بعد سماع أو قراءة المعلومة: من كتب هذه المعلومة؟ ومتى؟ ولماذا؟ وأين؟ هل هي في مجلة علمية موثوقة مثلاً قائم عليها مجموعة من المتخصصين أولا ؟ هل هو يعمل لصالح تسويق جهة معينة أم هدفه هو التوعية ورفع وعي الناس؟ وغيرها من الأسئلة التي ستدلك على ثقة مصدر المعلومة، و بالتأكيد يعتمد طرح نوعية الأسئلة على الموضوع نفسه إن كان يندرج تحت المواضيع العلمية أو الإنسانية أو غيرها، فالمهم أنك لا تُسلِّم بأي معلومة مباشرة حتى تتأكد من وجود الأدلة على صحتها ثم تستطيع وضعها في بحثك بكل ثقة أو تستطيع نقلها للآخرين كذلك بكل ثقة طبعاً مع توثيق المصدر. 

وقد ذكر الأنصاري في كتابة تكوين الذهنية العلمية (٢٠١٢، ص. ٢٩٨)  " بأن النقد يعني التذوق والقدرة على التمييز والتهذيب، ومنها إلى التحليل والتعليل، ومن ثم التقييم، فتربية الملكة النقدية هي الشرط الأول للإبداع، وهي الأساس في الإنتاج المعرفي الفعال...".

بينما عرف عبدالله العطيه في كتابه اصنع أفكارك (١٤٣١ ، ص. ٢٨) بأنه " الحكم على مصداقية وقيمة وصحة شيء ما". 

إذاً أهمية هذا النوع من التفكير في الحقيقة بأنك ستكون واثقاً من صحة المعلومة وستستطيع بالتأكيد من كتابتها ونقلها وأنت مطمئن بحسب جهدك في تقصي المعلومة، كذلك ستكون لديك القدرة على وزن الحجج ووجهات النظرالمختلفة، بالإضافة إلى القدرة على استخدام الأدلة والأفكار لمساعدتك على تشكيل الآراء الخاصة بك. لذلك كانوا الأساتذة يؤكدون بأن التفكير النقدي هو طريقة للتعلم ولكن بعقل مفتوح فقد وضحت لنا دكتورة مادة التدريب على البحث بأن التفكير النقدي يعتبر قلب الدراسة الأكاديمية، وأن تعلم مهاراته ستوصلك إلى نتيجة مرضية عند انتهائك من رسالتك البحثية.

تقييم الأساتذة على بعض من تكاليفي:

كانت أول مادة  في الماسترهي مادة التدريب على البحث، وهي لمن يعرفها مادة مملة لأنها نظرية بحتة ، ولكن في هذا المنهج  قررالأساتذة بأن تكون هذه المادة جامعة بين النظري والعملي. فمثلاً موضوع عن (كيفية كتابة بحث في العلوم الإجتماعية ولكن في نفس الوقت تكون مرتبطة بالناحية الثقافية) كيف  ستواجه كباحث التحديات والصعوبات فيه؟ ثم يكون هناك تكليف في نفس الموضوع ويُقييم عليه  الطالب حتى يعطى التوجيهات المناسبة. في الحقيقة  كانت مادة متعبة جدا ومرهقة خصوصاً أن هذه التكاليف كانت أسبوعية و تُقييم بالدرجات، وبعضها لاتكفيها محاضرة واحدة للشرح لذلك يضاف مايسمى بالسمينار Seminar  الذي يتم فيه نقاش ما استخلصناه من المحاضرة وكيف سنقوم بحل التكليف من خلال مناقشة الزملاء. المفيد  في هذه المادة كان هو التطبيق العملي لمواضيع البحث مع أساتذة متخصصين وأكاديميين بعضهم يحمل درجة علمية عالية.

نعود إلى مهارتنا  فقد كان أول تكليف نقدمه في هذه المادة عن مهارة  التفكير النقدي وقد طلب منا حينها نقد أي مقالة علمية وكتابة ما يقارب ٥٠٠ كلمة بهدف تطوير النقد لدينا. بعد كتابة التكليف كان تقييم الدكتورة لي كالآتي:

“You started this paper quite well but your analysis is at quite a superficial level... note any flawed (or coherent) arguments in what is being presented to you, and grapple with those in a systematic way. A good attempt for a first written task but going forward try to apply more rigorous analysis to your reading...”



ذكرت بأن بداية المقال كانت جيدة ولكن كان تحليلي للمقالة سطحي جداً،  ويجب أن انتبة لأي حجة ماذا تحمل بين طياتها من أفكار، و التصدي لما أراه مخالفاً لوجهة نظري بطريقة منهجية. ولكن كما ذكرت بأنها محاولة جيدة  مني كأول تكليف أقوم به منذ بداية الدراسة، وعليّ أن أكون أكثرصرامة في تحليل ما أقرأ في المرات القادمة. 


وفي المقابل قييم أستاذ آخر على مقال لي كان متعلقاً  بالتفكيرالنقدي في قسم الدراسات الإسلامية:

“ You have devoted a great deal of time and critical thought to your issue, you have persevered even when things were difficult. Your willingness and ability to think critically are great assets”

فبحسب رأيه وجد بإن الجهد الذي بذلته في مناقشة قضية المقال قد أخذت مساراً جيداً، وأن قدرتي على التفكير النقدي كانت عالية نوعاً ما. 

اخترت هذين االتقييمن من بين كثير. فالتقييمات الأخرى كان بعضها مفرحاً جداً ومبشراً بتطوركبير، وبعضها كان عليه بعض الملحوظات التي وجدتها مقنعة حيث أنها تنقصني بالفعل وبعضها غير مقنعة البتة. عموما ً كان بين التعليقين السابقين ما يقارب ٣ أشهر والتعليق الثاني يعتبرهوالأقدم. باعتقادي سبب تفوقي في الموضوع الثاني وجدتني أميل للكتابة فيه و لدي قراءات واسعة عنه  لذلك أصبح من السهولة بمكان أن أنقد وأقرأ وأعلق وأذكر إيجابيات أوسلبيات المعلومة بالدليل والبرهان. بينما التقييم الأول كنت مجبورة على قراءة مقالة متخصصة لم أطلع عليها من قبل ولغتها كانت صعبة ومعقدة والوقت قليل فقط كان لدي يومين على التسليم فأتممت التكليف لأجل اتمامه فقط فكانت هذه النتيجة الغير مرضية.

كيف أساعد نفسي على تطوير هذه المهارة 

في الحقيقة تم اعطائنا دورة مختصرة  تهدف إلى تطوير التفكير النقدي في الماستر والأخرى طلبتها حين وصلني ايميل من الجامعة عن الدورات المجانية ولكن هذا لايمنع من أنني لازلت أبذل جهدي في السعي إلى تطويرها عبر الطرق التي سأذكرها لأن دورة مدتها ساعة  لا تكفي بالنسبة لي.

لا أخفيكم بأن مهارة  التفكير النقدي توصف ب "السهل الممتنع". لأنها تحتاج بالفعل إلى تنشيط العقل جيداً أثناء استقبال المعلومات خصوصاً بأن دراستي السابقة كما ذكرت بشكل عام كانت تعتمد على حفظ المعلومات ونقلها دون نقدها لذلك احتجت إلى مزيد من الوقت لتطويرها. لكن ما زاد اطمئناني هو أستاذي في الجامعة عندما سألني عن مهارة الحفظ هل اتقنتها قلت احتاج إلى وقت بالتاكيد وترديد المعلومة  حتى تثبت لكن تعودت عليها كنظام تعليمي فقال أنا لا أتقن الحفظ لأن التعليم هنا معتمد على مهارة النقد فأنا أريد تطوير ما ينقصني وأنتِ كذلك طوري ما تحتاجين إليه (فلا أحد كامل).  بعيداً تماماً عن الخلاف حول أيهما أهم مهارة الحفظ أم النقد وحضورها في النظام التعليمي؟!

بحثت عن هذه الدورات حتى أستطيع نشرها فقد وجدت واحدة منها متاحه هنا لمن أراد بإمكانه تحميل ملف (PDF ) المتاح في الرابط. أما الدورة التي التحقت فيها ونصحت صديقاتي بها فهي في هذا الموقع الرائع الذي يعطي دروات مجانية في مختلف العلوم وما أعنية هنا هى دورة   النفكير المنطقي والنقدي حيث بالإمكان المشاركة في التعليقات والحصول على شهادة برسوم معينة ولكنها بالإنجليزي فقط. أما بالعربي فقد وجدت في المنصة التعلمية العربية المعروفة رواق كذلك عن مهارات التفكير وتحدث فيها عن مهارة التكفير النقدي تجدونها هنا

 ومن المهم جداً أن تكون هذه المهارة حاضرة من بداية اختيار الموضوع واختيار المراجع والمصادر فليس أي مصدر ومرجع يجب أن يوضع في البحث أو غيره ولكن هذه النقطة سأتحدث عنها بالتفصيل في مهارة الكتابة العلمية،  ما أقصده هنا هو أن تكون ناقد في طريقة الكتابة بمعنى أن لا يكون عبارة عن شرح لما قرأته في المصادر لذلك في معظم الأحيان يذكرون بأن مقالك يميل أن يكون (Descriptive) بمعنى أنه وصفي يخلو من التحليل، وقد وجدت مقالاً بسيطاً يشرح هذه النقطة هنا.  وكذلك من النقاط المهمة هو أن تتعود على نقد المصادر و المراجع نفسها التي ستأخذ المعلومة منها وليس فقط نقلها دون أضافة رؤيتك أو كما يقال ( صوتك الخاص بك) ووجدت كذلك توضيح بسيط لها هنا.  و من المواقع التي استفدت منها كثيراً وأتنمى أن يُنشأ موقع عربي بنفس الفكرة او ما يشابهها حيث توضع بعض العبارات المساعدة في كيفية التحليل النقدي وغيرها من الجمل التي يحتاجها الباحث في بحثه وهو ماقامت به جامعة مانشستر ستجدونها عبر هذا الرابط

أيضاً لخص عبدالله العطيه في كتابه اصنع أفكارك (١٤٣١ ، ص. ٢٩) بأن تطوير هذا النوع من التفكير عن طريق الآتي:

  • التدرب على طرح وجهات النظر.
  • البعد عن التحيز وإصدار الأحكام بلا مبررات. 
  • البحث عن الأسباب.
  • استعمال الأسئلة. 
  • البحث عن التأثيرات.
  • التركيز على الملاحظة.
  

بعض المراجع والمصادر في مهارة التفكير النقدي 

في الحقيقة وجدت بعض المراجع والمصادر بعضها إنجليزي وبعضها عربي، منها مقاطع فيديو صغيرة والقسم الأكبرمنها كتب.

أولاً: المراجع الإنجليزية 

 ١)  هنا مقطع جميل ومختصر في موقع الجامعة يوضح كيف تكون ذو تفكير نقدي جيد سواء في الجامعة أو في الحياة بشكل عام من  وجهات نظر مختلقة من المهتمين مع وجود طريقة في نقد قصاصة إعلانية .  لكن المتحدثة الأولى في هذا المقطع تقول بأن التفكيرالنقدي يعتمد على أمرين رئيسين :  أ) عندما يقول لك أحدهم بأن هذا صحيح وهذا غير صحيح،  فكر أولاً، من القائل؟ ولماذا ؟ وفي أي سياق قال ذلك ؟ وماهي الآثار التي تترتب عليه ؟ بمعنى استعمال العقل لفهم أوسع  بدلاً من الاكتفاء بتصويبها  أو تخطأتها .  ب ) تبدأ بتحليلها نقدياً. هنا بقية المقال الذي وُضع فيه المقطع.  




وهذا كذلك مقطع اخر يشرح لك عن التفكير النقدي


٢)  ومن حسن الحظ أنه في برنامج (Academic English for Postgraduate Studies pre-sessional ) وهو عبارة عن برنامج  يُهيأ الطالب للدراسة الأكاديمية.  قامت بتدرسي الكاتبة Jeanne Godfrey عام ٢٠١٦ ، وقد  أخبرتني عن كتبها التي ألفتها وهي في الحقيقة نافعة جداً لطلبة الجامعة المبتدئين وقد استفدت منها شخصياً ولمن أراد الإطلاع فهي موجودة هنا .

٣) كذلك من الكتب التي اشتريتها مع كتب Jeanne كتاب عن التفكير النقدي، وهو جيد وحجمه صغير ولغته كذلك سهلة مدعومة بالصور، وهذا هو الكتاب الذي أعنيه و اسم الكاتبة هي Kate Williams 

٤) أما هذه الكتب فقد كانت من ضمن المراجع الأساسية المطلوبة في مادة التدريب على البحث تحت موضوع التفكير النقدي رتبتها بالأرقام ١   ، ٢  ، ٣   وأخيراً هذا المرجع الذي يساعد الطلبة على التعلم بأن يكون أكثر كفاءة في تقديم الحجج المنطقية والمستنيرة مع الأمثلة العملية . 


ثانياً: المراجع العربية 

١) مقطع في ( TED- ED) يوضح ٥ نقاط لتطوير التفكير النقدي هو بالإنجلزي حقيقةً ولكن وجدت أن خيارالترجمة باللغة العربية متاحاً. 


٢) من أفضل المواقع التي في الحقيقة لم استغني عنها وساعدني جداً  كان  موقع د. عبدالرحمن حريري،  المهتم بالبحث العلمي وقد كتب مقدمة في التفكير النقدي هنا ، وكذلك لديه مقال آخر اسمه ٢١ سؤالاً تقودك للتفكير النقدي هنا

٣) تكوين المفكر من الكتب المميزة للدكتور عبدالكريم بكار قرأته عام ٢٠١١ ولازلت ممتنة لهذا الكتاب، فقد وضع جزئية متخصصة بالتفكير النقدي ابتدأت من (ص ٩١ -١٠٩) . 

٤) كتاب تكوين الذهنية العلمية دراسة نقدية لمسالك التلقي في العلوم الشرعية لمحمد الأنصاري عام ٢٠١٢ ( وهو كتاب متخصص كما هو واضح من العنوان ) ولكنه خصص فيه كذلك عن أهمية النقد .

٥) دورة مدخل إلى التفكير النقدي في رواق.  

سأكون ممتنة لمن قرأ وأراد إضافة مراجع أخرى وجدها مفيدة  في تطوير مهارة التفكير النقدي لديه.  

وأخيراً اختم بهذه المقولة لمحمد الغزالي . 




والسلام 🌹

س ح ر 


This Blog is protected by DMCA.com/ هذه المدونة تحت حماية شركة DMCA لحفظ الحقوق من السرقات الأدبية