28‏/2‏/2018

السرقة الأدبية غير المقصودة من تجربة أكاديمية مبتعثة ٧





السلام عليكم

سأختم بآخرجزئية متعلقة بمهارات الكتابة الأكاديمية والتي كما وعدتكم سأفصل الحديث حول كيفية تفادي السرقة الأدبية غير المقصودة أو كما يسميها البعض سطو عرضي بالصدفة والتي تسمى باللغة الإنجليزية ب Accidental Plagiarism. 

 رابط الصورة هنا
بدايةً قبل الشروع بقراءة هذه المقالة أدعوكم للاطلاع لمقالة سابقة  خصصت الحديث فيها عن السرقة الأدبية وماهية الآليات والبرامج التي خُصصت لاكتشاف السرقة الأدبية عند طلبة المعهد الأكاديمي التابع لجامعة ليدز، وقد ذكرت بالأمثلة والصور إحدى التكاليف التي تسلمتها من المشرف وكيف كانت النتيجة وحتى يسهل عليكم الرجوع للمقالة ستجدون الرابط هنا.

أما هذه المقالة فسأحدثكم عن أمتع المواد الاختيارية التي درستها كذلك في المعهد الأكاديمي، والتي كان لها العون الكبير بعد توفيق الله وتيسيره في توضيح الكثير من النقاط التي أشكلت عليّ حينها، وهي مادة:


Using Sources Effectively In Your Writing  


المادة كانت تتعلق حول كيفية استخدام المصادر بطريقة فعّالة في كتابتك، وأستاذة المادة هي الكاتبة  Jeanne Godfrey التي سبق وحدثتكم عنها كثيراً في مقالاتي السابقة.  وكالعادة سأنشر لكم ما تعلمته لأنني أعتقد بأن هناك من يحتاج لهذه التفاصيل. 

 بداية أكدت Jeanne بأن هناك طريقتين لا ثالث لهما في استخدام المصادر في الكتابة الأكاديمية:

أولاً: استخدام نفس الكلمات تماماً من المرجع والتي تسمى بالاقتباس Quotation
ثانياً: استخدام الفكرة أو المعلومة من المرجع، لكن يعبر عنها الكاتب بكلماته والتي تسمى بالتلخيص أو إعادة الصياغة
Paraphrasing or Summary

من الأمور المهمة التي نبهت عنها Jeanne في كتابها Writing For University (٢٠١١، ص. ٢٧) بأنه يجب على الكاتب قبل الاقتباس أو التلخيص من المصدرأن يسأل نفسه ما يلي:

لماذا اخترت هذا المرجع بالتحديد؟ هل له علاقة بعنوان البحث/ المقال؟ ماهي العلاقة بين موضوعي والكلام المقتبس من المرجع؟ هل قمت بتحليل النص الذي اخترته؟ ماذا سأضيف له من عبارات حتى اجعله مرتبط بكلامي؟ فالتفكير النقدي لابد أن يكون ملازم حتى عند اختيار النصوص من المراجع وتجدون هنا مقالة تفصيلية كتبتها عن هذه المهارة.


وأيضاً وضحت Jeanneبأن هناك طريقتين لكتابة المراجع داخل التكليف:


١: طريقة اسم الكاتب / سنة النشر Author/year system

اسم الكاتب الأخير وسنة النشر فقط في صلب البحث أو المقال بينما في آخر البحث تكون بقية التفاصيل عند قسم المراجع والمصادر مرتبة أبجدياً.

٢: طريقة الترقيم / الحاشيةNumeric /footnote system 

 وهي الأرقام الصغيرة التي توضع بجانب الاسم مثل (١) ثم يتم ترتيبها كقائمة في آخر الصفحة أو التكليف. 


طبعاً لابد من الرجوع للمشرف قبل  وسؤاله عن الآلية المتبعة في الجامعة قبل البدء في الكتابة، فأحياناً يرجع الاختيارفي تحديد الطريقة إلى اختيار القسم نفسه، وأحيانا يترك الاختيار على الباحث، المهم هو استخدام نفس الطريقة الأولى أو الثانية من أول التكليف حتى منتهاه.


كذلك بينت Jeanne بأن هناك ثلاثة اتجاهات مختلفة في نوعية استخدام المصادر:

 بداية هذه الاتجاهات يرجع استخداماتها بشكل رئيسي على الكاتب نفسه فهو من يقررما يريد ابرازه في الجملة، مثلاً: هل يريد ابراز اسم الكاتب مع المعلومة أم يريد توضيح المعلومة أكثر من اسم الكاتب أو كلاهما، لكن المهم أن يعرف أن لكل واحدة منهم آلية معينة في طريقة الكتابة.

/تأكيد المعلومةEmphasising the information١)

بمعنى إن كان الكاتب يريد تأكيد المعلومة وابرازها أكثرمن اسم الكاتب حيث أن سياق الحديث يتطلب التأكيد على المعلومة وليس على اسم الكاتب، فهنا يضع المصدر في آخر الجملة بين قوسين كما في المثال التالي:

على الرغم من التزام الكثير من الناس بالسرعة المطلوبة أثناء السير في الطرق السريعة إلا أن هناك نسبة قليلة منهم لازالت تخالف ذلك (الشهري، ١٤٣٩).



/تأكيد المعلومة واسم الكاتب Emphasising both the information and the author٢)


 في هذه الطريقة عندما يريد الكاتب أن يبرز المعلومة وصاحب المصدر كذلك عليه أن يضيف اسم الكاتب والتاريخ في نهاية الجملة وبين قوسين، هذه الطريقة مفيدة جداً عندما تجمع عدة أبحاث لعدة أشخاص كلهم يتشابهون في النتيجة أو الفكرة ، وكذلك لها دور كبير في رفع  معدل درجات البحث لأنها تدل على مدى سعة اطلاعك على من سبقك في الموضوع. ولكن هذه الطريقة يجب أن يكون الفعل فيها بصيغة الزمن المضارع التام أو الزمن المبني للمجهول. 




/تأكيد اسم الكاتب Emphasising the author٣)


أما هذه الطريقة فهي تستخدم عندما يريد الباحث ابراز اسم الكاتب أو مجموعة أسماء من الكتّاب اجتمعوا على نفس النتيجة فهنا لابد أن تكون أسمائهم جزء من الجملة، وتاريخ النشر يكون بين قوسين فقط، كذلك هذه الطريقة تستخدم عند كتابة قسم الدراسات السابقة في البحث لأن الباحث سيركزعلى تأكيد اسم الكاتب حتى يستعرض ما قاموا به من  جهود في كتبهم وأبحاثهم ثم يعرض وجهة نظره حيالهم. كما في المثال التالي:

الشهري ( ١٤٣٤) اقترحت فكرة مشابهة للتي اقترحتها المطيري ( ١٤٣٣) والجهني ( ١٤٣٢) بأنه يجب وضع حد معين للسرعة في الطرقات السريعة... 

ملحوظة: بإمكانك استخدام واحدة من الطرق السابقة أو أن تجمع بينهم في نفس البحث لا خلاف في ذلك، وكما ذكرت متى ينبغي استخدامها؟ هذا يعود إلى قرار الباحث نفسه ماذا يريد أن يبرز أكثر أويعطي له أهمية أعلى في كتابته.


من المناسب توضيح كيفية الاقتباس بدقة حتى يتم تفادي السرقة الأدبية غير المتعمدة:




رابط الصورة هنا 



الاقتباس كما ذكرت في الأعلى بأنه كتابة نفس النص الذي تم اختياره ووضعه في البحث كاملاً حرفاً بحرف ونقطة بنقطة حتى مكان الفاصلة تبقى مكانها، لذلك يجب وضعه بين علامتي تنصيص سواء المفردة ‘’ أو المثناة " "، وهنا يستحسن سؤال المشرف حول نوعية العلامة، لكن المهم أن تكون نفس الوتيرة في البحث كامل " " أو ‘’.

كذلك من الأمور المهمة عند الاقتباس أن تقدم له مقدمة ولو بسيطة وهو صوت الباحث المباشر الذي  سبق ووضحته تفصيله في المقالة السابقة تجدون الرابط هنا، لذلك يجب التأكد بأنه لا يؤخذ الاقتباس (نسخ ولصق) دون مقدمة له. أيضاً إن احتاج الأمر إلى  زيادة حرف أو حروف مثل ادخال (أل) التعريف على الكلمة الأولى في الكلام المقتبس حتى تناسب مع ما قبلها، أو توضيح نقطة معينة للقارئ، أو تصحيح كتابة كاتب المصدرالذي اقتبست منه فيجب وضع أي تعديل بين قوسين مربعين [...] تحديداً الذي عدلته فقط وتكمل بقية الاقتباس وتضع ما اقتبسته كاملاً بين "...".

أما إذا أردت أن تقتبس جزئية وكانت طويلة وأردت أن تحذف جزء معين غير مهم لبحثك عليك أن توضح أنك حذفته عن طريق وضع قوسين مربعين وداخله ٣ نقط
[...] حتى يفهم المشرف أو القارئ بأن هناك كلام قد تم حذفه وتكمل بقية الاقتباس بين علامتي التنصيص. 

أما إذا أخذت قطعة مكونة من أكثر من سطرين فإنه لا يجب عليك وضع علامة التنصيص لكن يجب بعد التقديم للقطعة نفسها مثل هذه الصورة ابتداء من كلمة عندما نقرر مدى مرونة تفاعل..... والعشرين:

من كتاب مصيدة التشتت  لفرانسيس يووث (٢٠١٦، ص.٣٩)
و في هذا الرابط  وجدت تفصيلاً كذلك عن الاقتباس في موقع الجامعة لمن أراد الاطلاع عليه. 


من أبرز النصائح المهمة حول موضوع الاقتباس:


لا ينصح بالإكثار من الاقتباس في البحث ويفضل ألا يكون أكثر من مرة أو مرتين في الصفحة الواحدة. كذلك لاينصح باقتباس معلومة ليست ثرية أو قوية لأنه بإمكانك إعادة صياغتها مع ذكر المصدر لصاحب الفكرة . أيضاً لايحتاج اقتباس معلومة معروفة عند الجميع مثل الشمس تشرق من المشرق!

في المقابل ينصح بالاقتباس حين لا تجد تعبيراً أجمل منه وأنه بالفعل فريد من نوعه وقوته. كذلك عندما يريد  الكاتب أن يوضح بالنص ماهي حجة الكاتب في المصدر الذي اختاره، كذلك ينصح بالاقتباس في بداية  المقال أو خاتمته حتى تثيرانتباه القارئ، أو عند توضيح القارئ بأن هذا الأمر بالتحديد هو ما سأتحدث عنه، أوقد يكون هو ما أثار تساؤل الباحث وقام بالكتابة عنه.

وأخيراً هناك ثمانية نقاط مهمة لتتجنب السرقة الأدبية التي تحدث دون قصد:


  فقد وضحت Jeanne بأن هناك ٨ نقاط يجب مراعاتها في كتابها Writing For University من (٢٠١١، ص ٤٨-٥٢) ما يلي:

1.    لابد أن تتذكر هذه القاعدة المهمة، إذ لم تضع أي توضيح للمصدر المقتبس بين قوسين دون اسم الكاتب وسنة النشر ورقم الصفحة فهذا يعني أنها من كلماتك وجملتك وفكرتك فهذه سرقة أدبية، وإذا قمت بإعادة صياغة لكلام لأحدهم دون ذكر المصدر فهذه تعتبر سرقة كذلك.
2.    ينبغي ان تعتمد على إحدى الطريقتين؛ إما إعادة الصياغة للكلام المأخوذ من المصدر بالكامل مع الاحتفاظ بوجود الكلمات الرئيسة فيه، أو اقتباس نفس الكلام من الحرف إلى الحرف ووضعتها بين علامة تنصيص. أما ان تعتمد طريقة بين الطريقتين، لاهي إعادة صياغة ولاهي اقتباس حرفي فهذا غير مقبول في الكتابة الأكاديمية.
3.     إذا زادت نسبة الاقتباس في عملك عن ٨٠٪ فهذا يعتبر سرقة لجهود الاخرين فأين جهدك في البحث؟
4.     عندما تقوم بإعادة الصياغة وهو الأفضل من الاقتباس لكن تذكر دائماً بأنها ليست فكرتك فيجب وضع المصدر.
5.     من الجيد أن تتأكد بأنك لم تكثر من استخدام نفس المصدر في نفس الجزئية لأنه لابد من توضيح رأيك وتوازن بينه وبين غيره من المصادر.
6.    تذكر بأن المواقع الإلكترونية والمدونات حتى وسائل التواصل الحديثة يجب أن تذكر كمصدر عند الرجوع لها وإلا يعد كذلك من السرقة.
7.     لا تتظاهر بأنك قرأت كتاب وأنت بالفعل لم تقرأه لذلك استخدم ( cited in) أي كما ورد في... او (In)
  لتوضيح  هذه النقطة :  في حال وجدت اقتباساً مناسب جداً لبحثك ولكن هذا النص القديم كان لكاتب في مصدر حديث وفي نفس الوقت لم تتمكن من العثور على هذا النص القديم كأن يكون قد كُتب  قبل أكثر من ٣٠ سنه مثلاً وما وجدت كتابه متاحاً في النت وغير متاح إلا في مكتبات معينة، فهنا يجب أن تستخدم  (
cited in) أي كما ورد في، حفاظاً على حقوق المصدر الحديث وكذلك النص الأصلي القديم، وتتجنب الادعاء بأنك اطلعت عليه بنفسك وأنت لم تعود إليه. أما اذا  كررت المرجع نفسه تكتب العبارة ( ibid)  وتعني المرجع نفسه.
8.     اكتفائك بجعل قائمة من المراجع في آخر البحث أو المقال مع عدم توضيح للمصادر داخل العمل يعتبر سرقة، باختصار كيف يعرف القارئ أين فكرتك وأي منهما فكرة غيرك؟

 للتمرين: انصحك باختيار أحد الأبحاث او المقالات في المواضيع التي تحبها٬ وتأمل حجم كلام الكاتب إلى حجم الكلمات التي اقتبسها أو تلك التي قد أعاد صياغتها وانظر إليها وقم بتحليلها وتحليل العبارات التي استخدمها ومع كثرة القراءة ستتعود عينك على ذلك بإذن الله فابدأ الممارسة.



المراجع التي قد تفيدك بهذا الخصوص:


  




 

ملحوظة:

* شكراً بحجم السماء إلى صديقتي الغربة اللطيفتين  د. زينب المطيري و أ. مريم الجهني على تنبيهاتهما اللغوية وإضافتهما القيمة لهذه المقالة.
لا أسمح ولا أحلل أحد يقوم باقتطاع جزء من النص ونسبته له دون ذكر المصدر، وأعتقد بأنه من المخجل جداً من يقوم بذلك بعد قراءة هذه المقالة. 




This Blog is protected by DMCA.com/ هذه المدونة تحت حماية شركة DMCA لحفظ الحقوق من السرقات الأدبية